كل من عبد غير الله، فقد أخل بكل شروط الكلمة العاصمة، إلا مجرد التلفظ بها، ولو أتى بعد ذلك بقراب الأرض طاعة، فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله تعالى:
وقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ}[البقرة: ١٦٥]، فكل من اتخذ ندًا لله، يدعوه من دون الله، ويرغب إليه، ويرجوه لما يؤمله منه من قضاء حاجاته وتفريج كرُباته - كحال عبَّاد القبور والطواغيت والأصنام - فلا بد أن يعظموهم ويحبوهم لذلك، فإنهم أحبوهم مع الله وإن كانوا يحبون الله تعالى ويقولون:«لا إله إلاَّ الله»، ويصلون ويصومون، فقد أشركوا بالله في المحبة بمحبة غيره وعبادة غيره.
فاتخاذهم الأنداد يحبونهم كحب الله، يبطل كل قول يقولونه، وكل عمل يعملونه. لأن المشرك لا يقبل منه عمل، ولا يصح منه.
وهؤلاء وإن قالوا:«لا إله إلاَّ الله» فقد تركوا كل قيد قيدت به هذه الكلمة العظيمة: من العلم بمدلولها. لأن المشرك جاهل بمعناها، ومن جهله أيضًا بمعناها جعل لله شريكًا في المحبة وغيرها، وهذا هو الجهل المنافي للعلم بما دلت عليه من الإخلاص. ولم يكن صادقًا في قولها، لأنه لم ينف ما نفته من الشرك، ولم يُثبت ما أثبتته من الإخلاص. وترك اليقين أيضًا. لأنه لو عرف معناها، وما دلت عليه لأنكره أو شك فيه، ولم يقبله وهو الحق.