المشرك الجاهل، الذي لم تقم عليه حجة البلاغ لا يكون مسلمًا، ولو نطق بالشهادتين، واستقبل القبلة، وقام ببعض الفرائض، إلا أنه لا يعين بالكفر المستلزم للعقوبة إلا بعد إقامة الحجة
إذا وقع العبد في عبادة غير الله جاهلاً، ولم تقم عليه حجة البلاغ، في وقت يقاس فيه أهله بأهل الفترات، فهذا العبد لا يحكم عليه بالكفر حتى تقام عليه الحجة، ولكن هذا لا يستلزم الحكم له بالإسلام، لا وكلا، لأن للإسلام حد، من قام به كان من أهله، ومن لم يقم به تحت أي شبهة من الشبهات فهو خارج من عداد المسلمين، وماثل في عداد المشركين.
إذا تمهَّد هذا، فنقول: إن هذا العبد لا يكون كافرًا إلاَّ بعد قيام الحجة، لأن الكفر وصف ومعنى متضمن للرد والإنكار والتكذيب المستلزم للعقوبة، وهذا لا يكون إلاَّ بعد بلوغ الرسالة وإقامة الحجة، وكذلك الحكم بالخلود في النيران لمن مات على الكفر دون توبة منه، فهو أيضًا لا يكون إلاَّ بعد قيام الحجة بالرسل.
فالمشرك الجاهل الذي لم تقم عليه حجة البلاغ، لا يكون مسلمًا، وإن نطق بالشهادتين، واستقبل القبلة، وقام ببعض الفرائض.
وهذا هو المقصود المتعين من كلام الأئمة: كابن تيمية، وابن القيم، ومحمد بن عبد الوهاب، وأحفاده.
ولذلك عندما يطلق هؤلاء الأئمة: القول بعدم تكفير المعين، من الذين وقعوا في عبادة غير الله، حتى تقام عليه الحجة، فمقصودهم الأكيد في هذا