الشأن هو: الكفر المستلزم للعقوبة في الدنيا، والخلود في النيران في الآخرة.
وكما قطع هؤلاء الأئمة بعدم تكفير المعيَّن، الذي وقع في عبادة غير الله، حتى تقام عليه الحجة، فنجدهم قد جزموا أيضًا بعدم إسلامه، وأثبتوا له حكم الشرك ووصفه، ولو لم تقم عليه حجة البلاغ.
فهؤلاء المشركون الجاهلون يعاملون، معاملة أهل الفترات، سواء بسواء في الدنيا والآخرة.
وبهذا التفصيل، يزول الإشكال في هذه المسألة بالكلية، أما الذين يريدون الدفع: في نحر نصوص الشريعة الواضحة الحاكمة بعكازة قضايا الأعيان، والأدلة والأقوال المطلقة من غير تقييد، فشأنهم وما ارتضوه لأنفسهم، إلاَّ أن هذا ليس من الإسلام في شيء، ونقول لهم:
أين المفر ... والإله الطالب
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمهما الله تعالى:
«إن كلام الشيخين - أي ابن تيمية وابن القيم - في كل موضع فيه البيان الشافي أن نفي التكفير بالمكفِّرات قولها وفعلها فيما يخفى دليله، ولم تقم الحجة على فاعله، وأن النفي يراد به نفي تكفير الفاعل وعقابه، قبل قيام الحجة، وأن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة.
وأما دعاء الصالحين، والاستغاثة بهم، وقصدهم في الملمَّات والشدائد، فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه، أو الحكم بأنه من الشرك الأكبر، وتقدم عن الشيخ أن فاعله يستتاب فإن تاب وإلاَّ قُتل، كما في عبارة الرسالة السنية، وتقدم قوله: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم، كفر إجماعًا، وتقدم قوله في الرد على المتكلمين: وهذا إذا كان في المسائل الخفية، فقد يقال إنه خفي عليهم، ولكنه يقع منهم في مسائل يعلم