حرمة اتخاذ القبور مساجد ووجوب هدمها معلوم بالاضطرار من الدين
حرمة اتخاذ القبور مساجد معلومة من الدين بالضرورة، وذلك لئلا تقع الأمة في الشرك، وتلك هي علة المنع، وليست مظنة النجاسة، ومن ثمّ لُعن كل من أعان على تعظيمها خشية أن تقع الأمة في المحذور من حرمتها.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرحه لكتاب التوحيد:
قوله:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد»، إلى آخر الحديث. قال الخلخالي: وإنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - صنيعهم هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: أنهم يسجدون لقبور الأنبياء تعظيمًا لهم.
والثاني: أنهم يَجوِّزون الصلاة في مدافن الأنبياء والسجود في مقابرهم، والتوجه إليها حالة الصلاة نظرًا منهم بذلك إلى عبادة الله، والمبالغة في تعظيم الأنبياء، والأول: هو الشرك الجلي، والثاني: الخفي، فلذلك استحقوا اللعن.
قلت: الحديث أعم من ذلك، فيشمل بناء المساجد والقباب عليها ....
قال ابن القيم: وبالجملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه، وفهم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقاصده جزم جزمًا لا يحتمل النقيض، أن هذه المبالغة واللعن والنهي بصيغته: صيغة «لا تفعلوا» وصيغة «إني أنهاكم» ليس لأجل النجاسة، بل هو لأجل نجاسة الشرك اللاحقة بمن عصاه، وارتكب ما عنه نهاه واتبع هواه، ولم يخش ربه ومولاه، وقلَّ نصيبه، أو عدم من تحقيق لا إلا
إلاَّ الله، فإن هذا وأمثاله من النبي - صلى الله عليه وسلم - صيانة لحمى التوحيد أن يلحقه