والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا» أخرجاه.
هكذا ثبت في أول هذا الحديث «ولهما» في آخره: «أخرجاه» بخط المصنف، وأحد اللفظين يغني عن الآخر، لأن المراد صاحبا «الصحيحين» ....
قال القرطبي: ولهذا بالغ المسلمون في سدِّ الذريعة في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأعلوا حيطان تربته، وسدُّوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره - صلى الله عليه وسلم -، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرَّفوهما، حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال، حتى لا يمكن أحد من استقبال قبره.
قلت: وفي الحديثين مسائل نبَّه المصنف على بعضها.
منها: ما ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيمن بنى مسجدًا يعبد الله فيه على قبر رجل صالح، ولو صحَّت نية الفاعل.
ومنها: النهي عن التماثيل بتغليظ الأمر.
ومنها: نهيه عن فعله عند قبره، قبل أن يوجد القبر.
ومنها: أنه من سنن اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم.
ومنها: لعنه إياهم على ذلك.
ومنها: مراده بذلك تحذيره إيانا عن قبره.
ومنها: العلة في عدم إبراز قبره.
ومنها: ما بلي به - صلى الله عليه وسلم - من شدة النزع.
قلت: ومنها التنبيه على علة تحريم ذلك، وعلة لعن من فعله» (١).