إن الله له ملك السموات والأرض وما فيهن وما بينهما، وكل ما دونه من الكائنات، مخلوق مربوب فقير مملوك لسيده سبحانه، وهو جلَّ في علاه الغني بذاته المقدسة عن كل ما سواه، وكل مخلوقاته في أشد ما يكونوا حاجة إليه، والله سبحانه ليس له شريك في ملكه، ولا معاون ولا ظهير، ولا يحتاج لأحد من خلقه حتى يشفع عنده بغير إذنه، وذلك لكماله المطلق، وملكه التام، اللذين لا نقص فيهما بوجه من الوجوه، ومن ثم كان لزامًا على كل عاقل لبيب أن يطلب الشفاعة بشروطها من مالكها، ويتضرَّع إليه وحده فيها، ويفوِّض أمره إليه، علَّه يفوز بحظ وافر منها، ويكتب من أهلها.
قال الشيخ صالح الفوزان يحفظه الله تعالى:
«الشفاعة لغة: الوسيلة والطلب. وعرفًا: سؤال الخير للغير. وقيل: هي من الشفع الذي هو ضد الوتر، فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال المشفوع له.
والشفاعة حق إذا تحققت شروطها، وهي أن تكون بإذن الله تعالى، ورضاه عن المشفوع له، قال الله تعالى:{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى}
[النجم: ٢٦].
ففي هذه الآية الكريمة أن الشفاعة لا تنفع إلاَّ بشرطين:
الأول: إذن الله للشافع أن يشفع، لأن الشفاعة ملكه سبحانه:{قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}[الزمر: ٤٤].
الثاني: رضاه عن المشفوع فيه بأن يكون من أهل التوحيد، لأن المشرك