للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تنفعه الشفاعة، كما قال تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨].

فتبين بهذا بطلان ما عليه القبوريون اليوم، الذين يطلبون الشفاعة من الأموات، ويتقرَّبون إليهم بأنواع القربات، كما قال الله في سلفهم: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} [يونس: ١٨]، وقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلاَ يَعْقِلُونَ * قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزمر: ٤٣، ٤٤].

وقد أعطي نبينا - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة، فيشفع لمن أذن الله له فيه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث شفاعات:

أما الشفاعة الأولى: فيشفع في أهل الموقف حتى يقض بينهم بعد أن تتراجعَ الأنبياءُ آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه.

وأما الشفاعة الثانية: فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له.

وأما الشفاعة الثالثة: فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصدِّيقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها».

وقال رحمه الله: «وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته، فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم، وأنكرها كثير من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والزيدية، وقال هؤلاء: من يدخل النار لا يخرج منها لا بشفاعة ولا غيرها، وعند هؤلاء ما ثم إلا

من يدخل الجنة فلا يدخل النار، ومن يدخل النار فلا يدخل الجنة، ولا

<<  <   >  >>