العقوبة والمؤاخذة لا تكون إلا بعد إقامة الحجة ويكفي في إقامتها مجرد بيان التوحيد بدليله
إن الحجة تقوم من أجل أن يحيا من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، وتارة تقوم لأداء واجب البيان والبلاغ، وعلى كل حال فالمؤاخذة والعقوبة لا تكون إلاَّ بعد إقامة الحجة ووضوح المحجة.
وينبغي الإحاطة في هذا المقام: بأن بيان التوحيد بدليله كاف في إقامة الحجة، وفي هذا الرد الوافر على من يشترط عددًا معينًا لإقامة الحجة، أو تعيين الإمام، أو من يقوم مقامه، حتى تقام على وجهها بزعمه.
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين في أثناء الرد على من زعم أن حجة الله لا تقوم على أصحابها إلا من خلال الإمام أو من يقوم مقامه:
«وقولك: حتى تقوم الحجة الرسالية من إمام أو نائبه، معناه: أن الحجة الإسلامية لا تقبل إلاَّ من إمام أو نائبه، وهذا خطأ فاحش، لم يقله أحد من العلماء، بل الواجب على كل أحد قَبول الحق، ممَّن قاله كائنًا من كان.
ومقتضى هذا: أن من ارتكب أمرًا محرمًا، شركًا فما دونه بجهل، وبين له من عنده علم بأدلة الشرع: أن ما ارتكبه حرام، وبيَّن له دليله من الكتاب والسنة أنه لا يلزمه قبوله، إلاَّ أن يكون ذلك من إمام أو نائبه، وأن حجة الله لا تقوم عليه، إلاَّ أن يكون ذلك من الإمام أو نائبه.
وأظنك: سمعت هذا الكلام من بعض المبطلين، وقلَّدته فيه، ما فطنت لعيبه، وإنما وظيفة الإمام أو نائبه: إقامة الحدود، واستتابة من حكم الشرع بقتله، كالمرتد في بلاد الإسلام.