الشرك أكبر الكبائر لمنافاته الحكمة المقصودة من إيجاد الخلق، ويقع مع الجهل، وتخلف قصد السوء، وإرادة التنقُّص بجناب الرب سبحانه، بل وتترتَّب أحكامه عليه، مع زعم التقرُّب به إلى الله زلفى ...
فكيف خرج بكل هذا عن حدِّ المغفرة - التي وسعت السماوات والأرض -، وأصبح من أشنع الذنوب التي يُعصى بها الله سبحانه؟
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن - في معرض الرِّد على مجرم أثيم يستدل محرِّفًا بكلام الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى على التهوين من أمر الشرك والمشركين -: قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
ووقعت مسألة؛ وهي أنَّ المشرك إنما قصد تعظيم جناب الرب سبحانه وتعالى، وأنه لعظمته لا ينبغي لمثلي الدخول عليه إلاَّ بالوسائط والشفعاء، كحال الملوك، والمشرك لم يقصد الاستهانة بجناب الرب، وإنما قصد تعظيمه، فلم كان هذا القدر موجبًا لسخطه وغضبه تبارك وتعالى، ومخلدًا في النار، وموجبًا لسفك دماء أصحابه، واستباحة حريمهم وأموالهم؟.
ويترتَّب على هذا سؤال آخر، وهو أنه هل يجوز أن يشرع الله سبحانه وتعالى لعباده التقرُّب إليه بالشفعاء والوسائل، ليكون تحريم هذا إنما استفيد من الشرع، أم ذلك قبيح في الفطر والعقول يمتنع أن تأتي به شريعة؟ بل جاءت الشريعة بتقرير ما في الفطر والعقول من قبحه الذي هو أقبح من كل قبيح.
وأما الشرك في كونه لا يغفر من بين الذنوب، فأجاب عن هذا كله بقوله: فنقول وبالله التوفيق والتأييد، ومنه نستمد العون والتسديد: فإنه من