لقد أجمع علماء أهل السنَّة، جيلاً بعد جيل على أنَّ الإيمان: قول وعمل، وتمسك بالكتاب والسنَّة، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، بل وعدُّوا ذلك أصلاً من أصولهم، التي من باين واحدًا منها صار خارجًا عن صراطهم، وداخلاً في سبل أهل الأهواء والبدع.
ولقد انعقد الإجماع القديم على أن: الإيمان محله القلب والجوارح معًا؛ خلافًا لفرق المرجئة التي قصرته طائفة منهم على القلب، وبعضهم على اللسان، وبعضهم على القلب واللسان معًا دون بقية الجوارح.
وكون الإيمان محله القلب والجوارح، فالمقصود به: الإيمان المطلق، وكذا مطلق الإيمان، أي: الإيمان بكل درجاته ودوائره. فالإيمان المطلق هو: القيام بعبادة الله وحده لا شريك له، والبراءة من الشرك، مع القيام بالواجبات والانتهاء عن المحرَّمات.
وهذا الإيمان يستوجب لصاحبه دخول الجنات، والنجاة من النيران والعذاب.
ومطلق الإيمان هو:
القيام بالتوحيد، والبراءة من الشرك، مع القيام ببعض الواجبات وترك بعضها، بشرط أن لا يكون في فرض، يلزم من تركه فساد الإيمان بالكلية، كترك الصلاة كسلاً، عند من يعدها كفرًا من علماء السلف والخلف.
وهذا الإيمان يجعل صاحبه في المشيئة الإلهية، ويحرم عليه الخلود في النيران.