الشرك ويغشاه، وتجريد له، وغضب لربه أن يعدل به سواه، فأبى المشركون إلاَّ معصية لأمره وارتكابًا لنهيه، وغرهم الشيطان بأن هذا التعظيم لقبور المشايخ والصالحين، وكلما كنتم أشد لها تعظيمًا، وأشد فيهم غلوًا كنتم بقربهم أسعد، ومن أعدائهم أبعد.
ولعمر الله من هذا الباب بعينه دخل على عبَّاد يغوث ويعوق، ونسر، ودخل على عبَّاد الأصنام منذ كانوا إلى يوم القيامة. فجمع المشركون بين الغلو فيهم والطعن في طريقتهم، وهدى الله أهل التوحيد لسلوك طريقهم وإنزالهم منازلهم التي أنزلهم الله إياها من العبودية، وسلب خصائص الإلهية.
قلت: وممن علَّل بخوف الفتنة والشرك: الشافعي، وأبو بكر الأثرم، وأبو محمد المقدسي، وشيخ الإسلام، وغيرهم، وهو الحق ...
قال: ولأحمد بسند جيد، عن ابن مسعود مرفوعًا:«إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» رواه أبو حاتم في «صحيحه».
قوله: إن من شرار الناس. هو بكسر الشين جمع شر.
قوله: من تدركهم الساعة وهم أحياء. أي: من تقوم عليهم الساعة بحيث ينفخ في الصور وهم أحياء، وهذا كحديثه الآخر الذي في مسلم:«لا تقوم الساعة إلاَّ على شرار الخلق» ...
(أجمع العلماء على حرمة الأبنية على القبور، ووجوب هدمها)
وقد أجمع العلماء على النهي عن البناء على القبور وتحريمه ووجوب هدمه، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة، التي لا مطعن فيها بوجه من الوجوه، ولا فرق في ذلك بين البناء في مقبرة مسبلة، أو مملوكة، إلاَّ أنه في المملوكة أشد. ولا عبرة بمن شذَّ من المتأخرين فأباح ذلك، إما مطلقًا، وإما في المملوكة.