قال الإمام أبو محمد بن قدامة: ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا. ولأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام: تعظيم الأموات باتخاذ صورهم والتمسح بها والصلاة عندها.
وقال شيخ الإسلام: أما بناء المساجد على القبور، فقد صرح عامة علماء الطوائف بالنهي عنه، متابعة للأحاديث الصحيحة، وصرَّح أصحابنا وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريمه، قال: ولا ريب في القطع بتحريمه، ثم ذكر الأحاديث في ذلك ... إلى أن قال: فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين، أو الملوك وغيرهم، تتعين إزالتها بهدم أو بغيره، هذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين.
وقال ابن القيم: يجب هدم القباب التي على القبور، لأنها أسست على معصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو حفص: تحرم الحجرة بل تهدم. فإذا كان هذا كلامه في الحجرة فكيف بالقبة؟
وقال الشافعي: أكره أن يعظم مخلوق، حتى يجعل قبره مسجدًا مخافة الفتنة عليه، وعلى من بعده من الناس. وقال أيضًا: تسطَّح القبور ولا تبنى ولا ترفع، وتكون على وجه الأرض. وقد أفتى جماعة من الشافعية بهدم ما في القرافة من الأبنية، منهم: ابن الجميزي، والظهير الترميني، وغيرهما.
وقال القاضي ابن كج: ولا يجوز أن تجصَّص (١) القبور، ولا أن يبنى
(١) تجصيص القبور: طلاؤها بالجَص، والجَص بالفتح ويمكن كسره عند بعض اللغويين، وهو نوع من الحجارة يبنى به، ويطلى كذلك، قاله عبد السلام بن محمد بن عمر في: الذيل على النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام ابن الأثير ص ٧٩، دار ابن حزم، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.