للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخضوع والذل له.

والعبادة لها أنواع كثيرة، فمن أنواعها: الدعاء، هو من أجلِّ أنواع العبادة، وسماه الله عبادة، في عدة مواضع من كتابه، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠]، ونظائر هذا في القرآن كثير، وفي الحديث: «الدعاء مخ العبادة».

فنقول: لا يدعى إلاَّ الله، ولا يستغاث في الشدائد، وجلب الفوائد إلاَّ به، ولا يذبح القربان إلاَّ له، ولا ينذر إلاَّ له، ولا يخاف خوف السر إلاَّ منه وحده، ولا يتوكل إلاَّ عليه، ولا يستعان ولا يستعاذ إلاَّ به، وليس لأحد من الخلق شيء من ذلك، لا الملائكة، ولا الأنبياء، ولا الأولياء، ولا الصالحين، ولا غيرهم فلله حق لا يكون لغيره، وحقه تعالى: إفراده بجميع أنواع العبادة، فلا تأله القلوب محبة، وإجلالاً، وتعظيمًا، وخوفًا، ورجاء، إلاَّ الله، فهذه، هي: الحكمة الشرعية الدينية، والأمر المقصود في إيجاد البرية.

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، ومعنى: يعبدون، يوحِّدون، والعبادة هي: التوحيد، لأن الخصومة بين الرسل وأممهم فيه، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]، وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨].

فمن دعا غير الله، من ميت، أو غائب، أو استغاث به، فهو مشرك كافر، وإن لم يقصد إلاَّ مجرَّد التقرُّب إلى الله، وطلب الشفاعة عنده».

<<  <   >  >>