ومن المعلوم بيقين من أوليات كافة العلوم: أن الاحتجاج بمجرد الدعوى على صحتها، دليل على بطلانها، لفقدانها الدليل، لأن الدعوى لا تصلح أن تكون دليلاً، وإلاَّ لكثرت الدعاوي، واستحال إبطال أي منكر مهما طال باعه في الغي والنكران.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في بيان تدليس العراقي أحد المنافحين عن المشركين، وشركهم:
«قال العراقي: النقل السادس عشر: قال - أي ابن تيمية - في الفتوى في جواب سؤال ورد من كيلان، في مسألة خلق القرآن: ما نصه، فمسألة تكفير أهل الأهواء والبدع متفرِّعة على هذا الأصل، وفي الأدلة الشرعية ما يوجب أن الله لا يعذب أحدًا من هذه الأمة على خطأ، وإن عذب المخطئ من غيرها - ثم ساق حديث أبي هريرة في الرجل الذي أمر أولاده بتحريقه، وأن يذروه في البحر، وأنه شك في قدرة الله، ومع ذلك غفر الله له لما معه من خوف الله والإيمان به، ثم ذكر كلام الشيخ في الخطأ في الفروع العملية، وأنه قد وقع من بعض السلف - وساق قصة داود وسليمان وحكمهما في الغنم - ثم قال: انظر إلى كلامه وتأمله فإنه أنذر وأعذر، وتحاشى عن تكفير أهل البدع العظام القائلين بنفي قدرة الله أو عدم البعث.
هذا كلامه بحروفه، ثم أطال الكلام في قصة داود وسليمان وزعم أنه معنى قوله تعالى:{وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[الأنبياء: ٧٩]، تصحيح حكم كل منهما. فإن الله أقرِّ حكمهما.
والجواب أن يقال: قد أكثر هذا العراقي في التشبيه بعدم تكفير المخطئ وعدم تأثيمه، وقد مرَّ من الجواب عن هذه الشبه ما فيه كفاية، وأكثر كلامه تكرير وإسهاب، يوهم الجهال به أنه قد قرَّر الصواب، وأوضح الخطاب،