فالجواب: أنَّ الأمر كذلك، وقد دلَّ على دخول الأعمال في الإيمان: الكتاب والسنَّة: أما الكتاب فكقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}[الأنفال: ٢]، وأما الحديث فكقوله في حديث أبي هريرة المتفق عليه:«الإيمان بضع وسبعون شُعبة، أعلاها قول لا إله إلاَّ الله، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعبة من الإيمان» وغير ذلك.
فمن زعم: أن إطلاق الإيمان على الأعمال الظاهرة مجاز، فقد خالف الصحابة، والتابعين، والأئمة.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه يجمع بين الأحاديث: بأن أعمال الإسلام داخلة في مسمَّى الإيمان، شاملاً لها، ففسرت بالإسلام، وهي جزء مسمَّى الإيمان، لكون الإيمان مثالاً لها ولغيرها، من الأعمال الباطنة والظاهرة، فإذا أفرد الإيمان في آية أو حديث، دخل فيه الإسلام، وإذا قرن بينهما فسر الإسلام بالأركان الخمسة، كما في حديث جبريل، وفسَّر الإيمان بأعمال القلب، لأنها أصل الإيمان ومعظمه، وقوته وضعفه: ناشئ عن قوة ما في القلب، من هذه الأعمال أو ضعفها.
وقد يضعف ما في القلب، من الإيمان بالأصول الستة، حتى يكون وزن ذرة، كما في الحديث الصحيح:«أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان».
فبقدر ما في القلب من الإيمان، تكون الأعمال الظاهرة، التي هي داخلة في مسمَّاه، وتسمَّى إسلامًا وإيمانًا، كما في حديث وفد عبد القيس، حين قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:«شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خُمس ما غنمتم»، فهذه