كل معبود من دون الله فهو جبت وطاغوت؛ قال ابن عباس في رواية عطية: الجبت الأصنام، والطاغوت تراجمة الأصنام الذين يكونون بين أيديها يعبرون عنه الكذب ليضلوا الناس، وقال في رواية الوابي: الجبت الكاهن، والطغوت الساحر.
وقال بعض السلف في قوله سبحانه:{يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ}[النساء: ٦٠]، إنه كعب بن الأشرف. وقال بعضهم: حيّ بن أخطب. وإنما استحقَّا هذا الاسم لكونهما من رءوس الضلال، ولإفراطهما في الطغيان وإغوائهما الناس، ولطاعة اليهود لهما في معصية الله، فكل من كان بهذه الصفة فهو طاغوت.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:{يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ}[النساء: ٦٠]، ولما ذكر ما قيل إنها نزلت فيمن طلب التحاكم إلى كعب بن الأشرف أو إلى حكم الجاهلية وغير ذلك، قال: والآية أعم من ذلك كله، فإنها ذامة، لمن عدل عن الكتاب والسنَّة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت ههنا.
فتحصَّل من مجموع كلامهم رحمهم الله تعالى أن اسم «الطاغوت» يشمل كل معبود من دون الله، وكل رأس في الضلال يدعو إلى الباطل ويحسنه، ويشمل أيضًا كل من نصبه الناس للحكم بينهم بأحكام الجاهلية المضادة لحكم الله ورسوله، ويشمل أيضًا الكاهن والساحر وسدنة الأوثان إلى عبادة المقبورين وغيرهم بما يكذبون من الحكايات المضلَّة للجهَّال، الموهمة أن المقبور ونحوه يقضي حاجة من توجه إليه وقصده، وأنه فعل كذا وكذا مما هو كذب أو من فعل الشياطين، ليوهموا الناس أن المقبور ونحوه يقضي حاجة من قصده، فيوقعهم في الشرك الأكبر وتوابعه.