والمراد بالطاغوت في الآية: كل ما عدل عن كتاب الله تعالى وسنَّة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، إلى التحاكم إليه من: نظم وقوانين وضعية، أو تقاليد وعادات متوارثة، أو رؤساء قبائل ليفصل بينهم بذلك، أو بما يراه زعيم الجماعة، أو الكاهن. ومن ذلك يتبين: أن النظم التي وضعت ليتحاكم إليها مضاهاة لتشريع الله داخلة في معنى الطاغوت.
لكن من عبد من دون الله وهو غير راض بذلك كالأنبياء والصالحين لا يسمَّى طاغوتًا وإنما الطاغوت الشيطان الذي دعاهم إلى ذلك وزينه لهم من الجن والإنس.
ثانيًا: المراد بالإرادة في قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ}: ما صحبه فعل، أو قرائن وأمارات تدل على القصد والإرادة، بدليل ما جاء في الآية التي بعد هذه الآية:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا}[النساء: ٦١]، ويدل على ذلك أيضًا: سبب النزول الذي ذكره ابن كثير وغيره في تفسير هذه الآية، وكذلك المتاعبة دليل الرضا، وبذلك يزول الإشكال القائل: إن الإرادة أمر باطن فلا يحكم على المريد إلاَّ بعلمها منه وهو غير حاصل.
وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز (١)
* * *
(١) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء»: (١/ ٥٤٢، ٥٤٣).