جل شأنه:{فَإِن تَنَازَعْتُمْ} المفيد العموم فيما يتصور التنازع فيه جنسًا وقدرًا.
ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطًا في: حصول الإيمان بالله واليوم الآخر بقوله: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، ثم قال جل شأنه:{ذَلِكَ خَيْرٌ}، فشيء يطلق الله عليه أنه خير لا يتطرق إليه شر أبدًا، بل هو خير محض عاجلاً وآجلاً ...
وتأمل أيضًا ما في الآية الثانية من العموم، وذلك في قوله تعالى:{فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء: ٦٥]، فإن اسم الموصول مع صلته مع صيغ العموم عند الأصوليين وغيرهم، وذلك العموم والشمول هو من ناحية الأجناس والأنواع، كما أنه من ناحية القدر، فلا فرق هنا بين نوع ونوع، كما أنه لا فرق بين القليل والكثير.
وقد نفى الله الإيمان عمَّن أراد التحاكم على غير ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المنافقين كما قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: ٦٠].
فإن قوله عزَّ وجلّ:{يَزْعُمُونَ} تكذيب لهم فيما ادَّعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان في قلب عبد أصلاً بل أحدهما ينافي الآخر.
و (الطاغوت) مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه، وذلك أنه من حد كل أحد أن يكون: حاكمًا بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقط لا بخلافه، كما أنه من حد كل أحد أن يحاكم إلى ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن حكم بخلافه، أو حاكم إلى خلافه فقط طغى