قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرحه لكتاب التوحيد:
«باب ما جاء في منكري القدر
[الشرح]
أي: من الوعيد. والقدر بالفتح والسكون: ما يقدره الله من القضاء.
ولما كان توحيد الربوبية لا يتم إلاَّ بإثبات القدر، قال القرطبي: القدر مصدر قدرت الشيء بتخفيف الدال أقدره وأقدره قدرًا وقدرًا إذا حصلت بمقداره، ويقال فيه: قدرت أقدر تقديرًا مشدد الدال، فإذا قلنا: إن الله تعالى قدر الأشياء، فمعناه: أنه تعالى علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجد على نحو ما سبق في علمه، فلا محدث في العالم العلوي والسفلي، إلاَّ هو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته، هذا هو المعلوم من دين السلف الماضين، الذي دلَّت عليه البراهين.
ذكر المصنف ما جاء في الوعيد فيمن أنكره، تنبيهًا على وجوب الإيمان، ولهذا عدّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من أركان الإيمان كما ثبت في حديث جبريل - عليه السلام - لما سئل عن الإيمان، فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»، قال: صدقت.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة»، قال: وعرشه على الماء.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس» رواهما مسلم في صحيحه.
وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن