للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القتل والموت، فينبغي لكم أن لا تموتوا، والموت لا بد آت إليكم، ولو كنتم في بروج مشيدة، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين.

قال مجاهد عن جابر بن عبد الله: «نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبُي وأصحابه»، يعني أنه هو الذي قال ذلك.

وأخرج البيهقي عن أنس أن أبا طلحة قال: «غشينا النعاس ونحن في مصافِّنا يوم أحد، فجعل يسقط سيفي وآخذه، ويسقط وآخذه. قال: والطائفة الأخرى - المنافقون - ليس لها هم إلاَّ أنفسهم، أجبن قوم، وأرعبه، وأخذله للحق، {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: ١٥٤]، إنما هم أهل ريب وشك بالله عزَّ وجل.

قوله: {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} [آل عمران: ١٥٤]، يعني: لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: ١٥٤].

قال شيخ الإسلام رحمه الله: لما ذكر ما وقع من عبد الله بن أبي في غزوة أحد قال: فلما انخذل يوم أحد، وقال: يدع رأيي ورأيه ويأخذ برأي الصبيان أو كما قال: انخذل معه خلق كثير، كان كثير منهم لم ينافق قبل ذلك. فأولئك كانوا مسلمين وكان معهم إيمان، هو الضوء الذي ضرب الله به المثل (١). فلو ماتوا قبل المحنة والنفاق، لماتوا على الإسلام، الذي يثابون عليه، ولم يكونوا من المؤمنين حقًا، الذين امتحنوا فثبتوا على المحنة، ولا من المنافقين حقًا الذين ارتدوا عن الإيمان بالمحنة.

وهذا حال كثير من المسلمين في زماننا أو أكثرهم، إذا ابتلوا بالمحنة


(١) يشير شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إلى قول الله عزَّ وجلّ: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ}
[البقرة: ١٩، ٢٠].

<<  <   >  >>