للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كم جرى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى صحابته، من المحن والشدائد لكنهم واجهوها بالإيمان الصادق، والعزم الثابت، حتى اجتازوها بنجاح باهر، وما ذاك إلاَّ لإيمانهم بقضاء الله وقدره، واستشعارهم لقوله تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: ٥١].

ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: تحويل المحن إلى منح، والمصائب إلى أجر؛ كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: ١١]؛ قال علقمة: «هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلِّم» ...

ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة، فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده، ولا يهاب الموت؛ لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر، لا يمنع منه حصون ولا جنود {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء: ٧٨]، {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: ١٥٤].

وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية، من الإيمان بالقدر، يمضي في جهاده، حتى يتحقق النصر على الأعداء، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين» (١).

* * *


(١) «الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد»: (٣٠١ - ٣٠٤).

<<  <   >  >>