بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوكُّل والاستعانة، وغاية الذلّ مع غاية الحب.
(الفطرة والعقل، والشرع، يدلُّون على وجوب التوحيد، واستحالة تشريع الشرك)
كل ذلك، يجب عقلاً وشرعًا، وفطرة أن يكون لله وحده، ويمتنع عقلاً وشرعًا وفطرة أن يكون لغيره.
فمن جعل شيئًا من ذلك لغيره فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له، ولا مثل له، وذلك أقبح التشبيه وأبطله. ولشدَّة قبحه، وتضمُّنه غاية الظلم، أخبر سبحانه وتعالى عباده أنه لا يغفره، مع أنه كتب على نفسه الرحمة.
ومن خصائص الإلهية: العبودية التي قامت على ساقين، لا قوام لها بدونهما: غاية الحب مع غاية الذلّ. هذا تمام العبودية، وتفاوت منازل الخلق فيها بحسب تفاوتهم في هذين الأصلين.
فمن أعطى حبّه وذلّه وخضوعه لغير لله فقد شبَّهه به في خالص حقّه، وهذا من المحال أن تجيء به شريعة من الشرائع، وقبحه مستقر في كل فطرة وعقل، ولكن غيَّرت الشياطين فطر أكثر الخلق وعقولهم، وأفسدتها عليهم، واجتالتهم عنها، ومضى على الفطرة الأولى من سبقت لهم من الله الحسنى، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه بما يوافق فطرتهم وعقولهم، فازدادوا بذلك نورًا على نورهم يهدي الله لنوره من يشاء ....
(سبب الشرك: سوء الظن بالله وكماله المطلق، وذلك أعظم الذنوب عند الله سبحانه)
إذا تبيَّن هذا فهنا أصل عظيم، يكشف سر المسألة، وهو أنّ أعظم