للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى بيان ما يؤول إليه الغلو في الصالحين من الشرك بالله في الإلهية، الذي هو أعظم ذنب عصي الله به، وهو ينافي التوحيد الذي دلت عليه كلمة الإخلاص: شهادة أن لا إله إلاَّ الله.

قوله: وقوله الله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [النساء: ١٧١].

الغلو: هو الإفراط في التعظيم بالقول والاعتقاد، أي: لا ترفعوا المخلوق عن منزلته التي أنزل الله فتنزلوه المنزلة التي لا تنبغي إلاَّ بالله ....

قوله: في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى:

{وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ٢٣]، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ...

قوله: «حتى إذا هلك أولئك»، أي: الذين صوَّروا تلك الأصنام.

قوله: «ونسي العلم» ورواية البخاري: «وينسخ» وللكشميهني: «ونسخ العلم»، أي: درست آثاره بذهاب العلماء، وعم الجهل حتى صاروا لا يميزون بين التوحيد والشرك، فوقعوا في الشرك ظنًا منهم أنه ينفعهم عند الله ...

قال القرطبي: وإنما صوَّر أوائلهم الصور ليتأسوا بهم، ويتذكروا أفعالهم الصالحة. فيجتهدوا كاجتهادهم، ويعبدوا الله عند قبورهم. ثم خلفهم قوم جهلوا مرادهم، فوسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها. اهـ.

قوله: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم

<<  <   >  >>