البيت وغيرهم، فاستجيب لهم الدعاء، وعلى هذا عمل كثير من الناس ...
وإنما ذكرت هذا السؤال مع بعده عن طريق العلم والدين، لأنه غاية ما يتمسَّك به القبوريون.
ثم أجاب عن هذا السؤال بقوله: قلنا الذي ذكرنا كراهته، لا ينقل في استحبابه شيء ثابت عن القرون الثلاثة، التي أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها حيث قال:«خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»، مع شدة المقتضى فيهم لذلك، لو كان فيه فضيلة، فعد أمرهم وفعلهم لذلك مع قوة المقتضى لو كان فيه فضل يوجب القطع بأن لا فضل فيه، وأما من بعد هؤلاء فأكثر ما يفرض أن الأمة اختلفت، فصار كثير من العلماء إلى فعل ذلك، وصار بعضهم إلى النهي عن ذلك، فإنه لا يمكن أن يقال: قد اجتمعت الأمة على استحباب ذلك، لوجهين:
أحدهما: أن كثيرًا من الأمة كره ذلك وأنكره قديمًا وحديثًا.
الثاني: أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحباب فعل، لو كان حسنًا لفعله المتقدِّمون، ولم يفعلوه، فإن هذا من باب تناقض الإجماعات، وهي لا تتناقض. وإذا اختلف فيه المتأخرون، فالفاصل بينهم هو الكتاب، أو السنة، وإجماع المتقدمين، نصًا واستنباطًا، فكيف والحمد لله، لم ينقل هذا عن إمام معروف ولا عالم متبع؟
بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبًا على صاحبه، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي رحمه الله أنه قال:«إني إذا نزلت بين شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة، فأجاب» أو كلامًا هذا معناه.
وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار، عند من له معرفة بالنقل، فإن الشافعي لما قدم بغداد، لم يكن ببغداد لأبي حنيفة، ولا غيره قبر ينتاب