وحديث أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى:{اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}[الأعراف: ١٣٨] لتركبن سنن من كان قبلكم».
وقال تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}[النجم: ١٩]، وفي الصحيح عن ابن عباس وغيره: كان يلت السويق للحاج، فمات، فعكفوا على قبره.
فيرجع هذا المشرك، يقول: هذا في الشجر، والحجر، وأنا اعتقد في أناس صالحين، أنبياء وأولياء، أريد منهم الشفاعة عند الله، كما يشفع ذو الحاجة عند الملوك، وأريد منهم القربة إلى الله، فقل له: هذا دين الكفار بعينه، كما أخبر سبحانه بقوله:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣]، وقوله:{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ}[يونس: ١٨].
وقد ذكر أناسًا يعبدون المسيح وعزيرًا، فقال الله: هؤلاء عبيدي، يرجون رحمتي كما ترجونها، ويخافون عذابي كما تخافونه، وأنزل الله سبحانه:{قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً}[الإسراء: ٥٦]. وقال تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ ...} الآيتين [سبأ: ٤٠، ٤١].
والقرآن، بل والكتب السماوية من أولها إلى آخرها مصرحة ببطلان هذا