وقد أجمع العلماء على أن من قال:«لا إله إلاَّ الله»، ولم يعتقد معناها ولم يعمل بمقتضاها، أنه يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والإثبات.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله في قوله:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاَّ الله»: معلوم أن المراد بهذا أهل عبادة الأوثان، دون أهل الكتاب، لأنهم يقولون:«لا إله إلاَّ الله» ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف.
وقال القاضي عياض: اختصاص عصمة المال والنفس بمن قال: «لا إله إلاَّ الله» تعبير عن الإجابة إلى الإيمان، وأن المراد بذلك مشركو العرب وأهل الأوثان، فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد، فلا يكتفى في عصمته بقول:«لا إله إلاَّ الله» إذ كان يقولها في كفره. انتهى ملخصًا.
وقال النووي: لا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الرواية «ويؤمنوا بي وبما جئت به».
وقال شيخ الإسلام، لما سئل عن قتال التتار فقال: كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الإسلام الظاهرة من هؤلاء القوم أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين ببعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر والصحابة - رضي الله عنه - مانعي الزكاة، وعلى هذا اتفق الفقهاء بعدهم.
قال: فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، أو الأموال أو الخمر أو الميسر أو، نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو غير ذلك من التزام واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها، التي يكفر
الواحد بجحودها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، وإن كانت مقرة