قال: وهؤلاء أصناف: منهم من لم تبلغه الدعوة بحال ولا سمع لها بخبر، ومنهم المجنون الذي لا يعقل شيئًا، ومنهم الأصم الذي لا يسمع شيئًا أبدًا، ومنهم أطفال المشركين، الذين ماتوا قبل أن يميِّزوا شيئًا.
فاختلفت الأمة في حكم هذه الطبقة اختلافًا كثيرًا، وذكر الأقوال واختار ما اختاره شيخه أنهم يكلفون يوم القيامة، واحتج بما رواه أحمد في مسنده عن الأسود بن سريع مرفوعًا قال:«أربعة يمتحنون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفترة».
أما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وأنا ما أسمع شيئًا، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يرمونني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام، وما أعقل، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنَّه، فيرسل إليهم رسولاً أن ادخلوا النار، فوالذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا»، ثم رواه من حديث أبي هريرة بمثله وزاد في آخره، ومن لم يدخلها رد إليها. انتهى.
وذكر ابن كثير عند تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء: ١٥]، قال: وهنا مسألة اختلف الأئمة فيها، وهي مسألة الولدان، الذين ماتوا وهم صغار وآباؤهم كفار، وكذا المجنون والأصم والخرف ومن مات