للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهره أنه مات على الكفر، فلا يدعى له، ولا يضحى له، ولا يتصدق عليه.

وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى، فإن كان قد قامت عليه الحجة في حياته، وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن، وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله تعالى.

وأما سبه ولعنه فلا يجوز، بل لا يجوز سبُّ الأموات مطلقًا، كما في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا»، إلاَّ إن كان أحد من أئمة الكفر وقد اغتر الناس به فلا بأس بسبه إذا كان فيه مصلحة دينية، والله أعلم (١).

وقال الشيخ عبد العزيز (قاضي الدرعية)، ومن حوله من العلماء، في رسالتهم المسمَّاة: (المسائل الشرعية إلى علماء الدرعية):

وأما السؤال الثالث وهو قولكم: قد ورد: «الإسلام يهدم ما قبله»، وفي رواية: «يجبُّ ما قبله» وفي حديث حجة الوداع: «ألا إن دم الجاهلية كله موضوع» إلخ ...

وظهر لنا من جوابكم أن المؤمن بالله ورسوله إذا قال أو فعل ما يكون كفرًا جهلاً منه بذلك فلا تكفرونه حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، فهل لو قتل من هذا حاله قبل ظهور هذه الدعوة موضوع أو لا؟

فنقول: إذا كان يعمل بالكفر والشرك لجهله وعدم من ينبهه لا نحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة، ولكن نحكم بأنه مسلم (٢)، بل نقول: عمله


(١) «الدرر السنية»: (١٠/ ١٤٢).
(٢) هكذا في الأصل، وإن كان السياق يقتضي حتمًا: لكن لا نحكم بأنه مسلم. والدليل على ذلك: قوله بعد هذا: لا يقال إن لم يكن كافرًا فهو مسلم ... ولا أدل على ذلك من هدْر دمه، إذا قوتل في حاله كفره.

<<  <   >  >>