وأعرضوا، ولم يلتفتوا، ومن لم يتمكن، ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل، فهو عنده من جنس أهل الفترة، ممن لم تبلغه دعوة لرسول من الرسل.
كلا النوعين لا يحكم بإسلامهم، ولا يدخلون في مسمَّى المسلمين، حتى عند من لم يكفر بعضهم - وسيأتيك كلامه -. وأما الشرك فهو يصدق عليهم، واسمه يتناولهم، وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى: شهادة أن لا إله إلاَّ الله ....
قلت - أي الشيخ إسحاق صاحب الرسالة -: وهذا من أعظم ما يبين الجواب عن قوله في الجاهل العابد لقبة الكواز، لأنه لم يستثن في ذلك لا جاهلاً ولا غيره، وهذه طريقة القرآن: تكفير من أشرك مطلقًا وتوقفه رحمه الله في بعض الأجوبة، يحمل على أنه لأمر من الأمور، وأيضًا فإنه كما ترى توقف مرة كما في قوله: وأما من أخلد إلى الأرض فلا أدري ما حاله.
فيا لله العجب كيف يترك قول الشيخ في جميع المواضع، مع دليل الكتاب والسنة، وأقوال شيخ الإسلام وابن القيم، كما في قوله من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، ويقبل في موضع واحد من الإجمال ....
ولنذكر كلامًا لابن القيم ذكره في طبقات المكلفين نقله عنه الشيخ «عبد اللطيف» في رده على العراقي مثل التفسير لما ذكرنا لك، ويجلو عنك بقايا هذه الشبهة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب طبقات المكلفين، لما ذكر رءوس الكفار، الذين صدُّوا عن سبيل الله، وأن عذابهم مضاعف، ثم قال: الطبقة السابعة عشر، طبقة المقلِّدين وجهَّال الكفر وأتباعهم وحميرهم، الذين هم معهم تبع، يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أمة، ولنا أسوة بهم، ومع هذا فهم مسالمون لأهل الإسلام غير محاربين لهم، كنساء المحاربين وخدمهم