للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال رحمه الله: وفسق الاعتقاد كفسق أهل البدع، الذين يؤمنون بالله ورسوله، واليوم الآخر، ويحرمون ما حرَّمه الله ورسوله، ويوجبون ما أوجبه الله؛ لكن ينفون كثيرًا مما أثبته الله ورسوله، جهلاً وتأويلاً، وتقليدًا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك، وهؤلاء كالخوارج المارقة، وكثير من الروافض، والقدرية، والمعتزلة، وكثير من الجهمية، الذين ليسوا غلاة في التجهم.

وأما غالية الجهمية: فكغلاة الرافضة، وليس للطائفتين في الإسلام نصيب؛ ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين وسبعين فرقة وقالوا: هم مباينون للملَّة ... إلى أن قال: فتوبة هؤلاء الفساق، من جهة الاعتقادات الفاسدة، بمحض اتباع السنَّة، ولا يكتفي منهم بذلك أيضًا، حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة، إذ التوبة من كل ذنب هي بفعل ضده. انتهى المقصود. فتأمل كيف جعل أهل هذه البدع في جنس الفساق، لأنهم يؤمنون بالله ورسوله، واليوم الآخر ....

وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، في الفتاوى المصرية: قد قال بعض الناس إنه تجوهر، وهذا قول قوم داوموا على الرياضة مدة، فقالوا: لا نبالي بما علمنا (١)، وإنما الأمر والنهي رسم العوام، ولو تجوهروا سقط عنهم، وحاصل النبوة يرجع إلى الحكمة والمصلحة، والمراد منها ضبط العوام، ولسنا من العوام فندخل في التكليف؛ لأنا قد تجوهرنا، وعرفنا الحكمة.

فهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى، بل هم أكفر أهل الأرض، فإن اليهود والنصارى آمنوا ببعض، وكفروا ببعض، وهؤلاء كفروا بالجميع، خارجون عن التزام شيء من الحق؛ ثم قال: ومن جحد بعض الواجبات

الظاهرة المتواترة، أو جحد بعض المحرَّمات الظاهرة، كالفواحش والظلم،


(١) هكذا في الأصل، ولعلها: «عملنا».

<<  <   >  >>