لا يعبد إلاَّ الله، والعبادة بجميع أنواعها مقصورة على الله؛ قال: تنقَّصتم الصالحين، وأمثال ذلك من العبارات، المتضمنة للكفر بمعنى لا إله إلاَّ الله، والإنكار على من دعا إلى مضمون لا إله إلاَّ الله، وهو إخلاص العبادة لله، كما قال تعالى:{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[الزمر: ٤٥].
فما أشبه هؤلاء بمن نزلت فيهم هذه الآية ....
ثم إن الجاهل المرتاب، قال في أوراقه قولاً، قد تقدَّم الجواب عنه، ولا بد من ذكره، قال: فإذا قال المسلم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}[الحشر: ١٠]. يقصد من سبقه من قرون الأمة بالإيمان، وإن كان قد أخطأ في تأويل تأوله، أو قال كفرًا، أو فعله، وهو لا يعلم أنه يضاد الشهادتين، فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان.
(الأدلة على عدم العذر بالجهل، أو بالخطأ في الشرك الأكبر)
فأقول: انظر إلى هذا التهافت والتخليط، والتناقض، ولا ريب: أن الكفر ينافي الإيمان، ويبطله، ويحبط الأعمال، بالكتاب والسنَّة وإجماع المسلمين، قال الله تعالى:{وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[المائدة: ٥].
ويقال: كل كافر قد أخطأ، والمشركون لا بد لهم من تأويلات، ويعتقدون أن شركهم بالصالحين، تعظيم لهم ينفعهم، ويدفع عنهم، فلم يعذروا بذلك الخطأ، ولا بذلك التأويل، بل قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}[الزمر: ٣].