فلا اعتبار بمن أعمى الله بصيرته، عن تدبُّر كتاب الله، وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا الجاهل يدَّعي أنه ينقل من «منهاج السنَّة» لشيخ الإسلام، وقد عرفت ما في ذلك من فساد قصده، ووضعه العبارة في غير من هي له، وما قصد بها. وهذا كلام شيخ الإسلام، رحمه الله تعالى، في المنهاج، يطابق ما قد أسلفناه عنه في هذا الجواب.
قال رحمه الله تعالى: وأشهر الناس بالردَّة: خصوم أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأتباعه، كمسيلمة الكذاب، وأتباعه، وغيرهم.
ومن أظهر الناس ردَّة: الغالية الذين حرَّقهم علي - رضي الله عنه - بالنار، لما ادعوا فيه الإلهية؛ والسبئية أتباع عبد الله بن سبأ، الذي أظهر سب أبي بكر وعمر.
وأول من ظهر عنه دعوة النبوة، من المنتسبين إلى الإسلام: المختار بن أبي عبيد، وكان من الشيعة، فعلم: أن أعظم الناس ردة هم الشيعة أكثر منهم في سائر الطوائف؛ ولهذا لا يعرف أسوأ ردة من ردة الغالية، كالنصيرية، ومن ردة الإسماعيلية الباطنية، ونحوهم. انتهى.
ومن المعلوم: أن كثيرًا من هؤلاء جهَّال، يظنون أنهم على الحق، ومع ذلك حكم شيخ الإسلام بسوء ردتهم.
وقال أيضًا: وأشهر الناس بقتال المرتَّدين، هو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فلا يكون المرتدون في طائفة أكثر مما في خصوم أبي بكر. انتهى.
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«يرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي، أو قال من أمتي، فيجلون عن الحوض؛ فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري»، وفي رواية:«فَيُحَلَّئُون»(١).