بعدها، واستقر هناك، ولم يزل مشتغلاً بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده عام ١١٥٣ هـ، فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه، وهمَّ بعض السفلة بها أن يفتك به، وقيل إن بعضهم تسوَّر عليه الجدار، فعلم بهم بعض الناس فهربوا، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه.
وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين، الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء، هؤلاء السفلة الذين يقال لهم العبيد هناك، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم، وأنه لا يرضى بأفعالهم، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم، والحد من شرهم؛ غضبوا عليه وهموا أن يفتكوا به، فصانه الله وحماه.
(وتكلم الشيخ عن محن الإمام وتنقله من بلد إلى أخرى داعيًا ومجاهدًا حتى جمعه الله بالأمير محمد بن سعود فقال):
فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد، ويقال إن الذي أخبره زوجته، جاء إليها بعض الصالحين، وقال لها: أخبري محمدًا بهذا الرجل، وشجعيه على قبول دعوته، وحرضيه على مؤازرته ومساعدته، وكانت امرأة صالحة طيبة، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها، قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجل داعية يدعو إلى دين الله، يدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يا لها من غنيمة! بادر بقبوله، وبادر بنصرته، ولا تقف في ذلك أبدًا.
فقبل الأمير مشورتها، ثم تردَّد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير
عليه، ويقال إن المرأة أيضًا هى التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصده في منزله وأن