المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى:{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}[الفرقان: ٤٤].
وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها، إن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله - صلى الله عليه وسلم - في الخوارج:«أينما لقيتموهم فاقتلوهم» وقوله: «شر قتلى تحت أديم السماء» مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس: أن الذي أخرجهم من الدين، هو التشدد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.
وكذلك قتل علي - رضي الله عنه - الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.
وكذلك إجماع السلف: على تكفير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا، إذا علمتم ذلك: فإن هذا الذي أنتم فيه كفر. الناس يعبدون الطواغيت، ويعادون دين الإسلام، فيزعمون أنه ليس ردة، لعلهم ما فهموا الحجة، كل هذا بيَّن.
وأظهر مما تقدم: الذين حرقهم علي، فإنه يشابه هذا، وأما إرسال كلام الشافعية وغيرهم، فلا يتصور يأتيكم أكثر مما أتاكم، فإن كان معكم بعض الإشكال، فارغبوا إلى الله تعالى أن يزيله عنكم، والسلام» (١).
وقال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر رحمه الله تعالى، مفندًا شبهة لأحد المجادلين عن المشركين، يزعم فيها: أن دعاء غير الله شرك أصغر:
«أما قوله - أي المجادل عن الشرك والمشركين -: إن سلمنا هذا القول - أي: أن دعاء غير الله شرك أكبر -، وظهر دليله، فالجاهل معذور، لأنه لم