للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يصدر التكفير لصلحاء الأمة، من أعداء الله ورسوله، أهل الإشراك له به، والإلحاد في أسمائه، فهؤلاء يكفِّرون المؤمنين بمحض الإيمان، وتجريد التوحيد، ويعيبون أهل الإسلام، ويذمونهم على إخلاص الدين، وتجريد المتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل قد يقاتلونهم على ذلك، ويستحلُّون دماءهم وأموالهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج: ١٠].

فمن كفَّر المسلمين أهل التوحيد، أو فتنهم بالقتال أو التعذيب، فهو من شر أصناف الكفار، ومن: {الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم: ٢٨، ٢٩].

وفي الحديث: «من قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما».

وأما من أطلق لسانه بالتكفير، لمجرد عداوة، أو هوى، أو لمخالفة في المذهب، كما يقع لكثير من الجهَّال، فهذا من الخطأ البيِّن، والتجاسر على التكفير، أو التفسيق والتضليل، لا يسوغ إلاَّ لمن رأى كفرًا بواحًا، عنده فيه من الله برهان. والمخالفة في المسائل الاجتهادية، التي قد يخفى الحكم فيها على كثير من الناس، لا تقتضي كفرًا ولا فسقًا، وقد يكون الحكم فيها قطعيًا جليًا عند بعض الناس، وعند آخرين يكون الحكم فيها مشتبهًا خفيًا، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها ....

وبقي قسم خامس، وهم الذين يكفرون بما دون الشرك من الذنوب، كالسرقة والزنا وشرب الخمر، وهؤلاء هم الخوارج، وهم عند أهل السنة ضلاَّل مبتدعة، قاتلهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأن الحديث قد صح بالأمر بقتالهم والترغيب فيه، وفيه: «أنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم».

وقد غلط كثير من المشركين في هذه الأعصار، وظنوا أن من كفَّر من

<<  <   >  >>