بالشهادتين، وانتسابه إلى الإسلام، وعمله ببعض شرائع الدين، لا يمنع من تكفيره وقتله، وإلحاقه بالمرتدين ...
فنقول: أما كلام الشافعية: فقال ابن حجر في كتاب «الزواجر عن اقتراف الكبائر» الكبيرة الأولى: الكفر والشرك، أعاذنا الله منه، ولما كان الكفر أعظم الذنوب، كان أحق أن يبسط الكلام عليه وعلى أحكامه، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[النساء: ١١٦] ...
ثم قال:«تنبيهات» منها: بيان الشرك، وذكر جملة من أنواعه، لكثرة وقوعها في الناس، وعلى ألسنة العامة، من غير أن يعلموا أنها كذلك فإذا بانت لهم فلعلهم أن يجتنبوها، لئلا تحبط أعمال مرتكبي ذلك، ويخلدون في أعظم العذاب، وأشد العذاب، ومعرفة ذلك أمر مهم جدًا.
(أخطار الردة):
فإن من ارتكب مكفرًا تحبط جميع أعماله، ويجب عليه قضاء الواجب منها، عند جماعة من أئمة، كأبي حنيفة، ومع ذلك فقد توسَّع أصحابه في المكفِّرات، وعدوا منها جملاً مستكثرة جدًا وبالغوا في ذلك أكثر من بقية أئمة المذاهب، هذا مع قولهم: إن الردة تحبط جميع الأعمال، وبأن من ارتد بانت منه زوجته، وحرمت عليه، فمع هذا التشديد، بالغوا في الاتساع في المكفِّرات؛ فتعين على كل ذي مسكة في دينه: أن يعرف ما قالوه، حتى يجتنبه، ولا يقع فيه فيحبط عمله، ويلزمه قضاؤه، وتبين منه زوجته عند هؤلاء الأئمة ....
فصل: وأما كلام الحنفية، فقال في كتاب تبيين المحارم المذكورة في القرآن، «باب الكفر»، وهو: الستر وجحود الحق، وإنكاره، وهو أول ما ذكره في القرآن العظيم من المعاصي، قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}[البقرة: ٦].