للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول الخوارج «لا حكم إلاَّ لله» وقال بعده: وكذلك إخوانهم في هذا الزمان يقولون: «لا يعبد إلاَّ الله»، فنقول: صدقتم هذه كلمة حق، ولكن أين الذي يعبد غيره إذا كان مسلمًا ناطقًا بالشهادتين، ويصلي ويصوم ويزكي ويحج؟

والجواب أن يقال:

إن الأحاديث والآثار التي جاءت بها السنة وصحَّت بها الأخبار في شأن الخوارج ووصفهم وذمهم، فهي معروفة مشهورة عند أهل العلم بالحديث والآثار. وقد ساقها مسلم في صحيحه من نحو عشرة أوجه. وهذا العراقي ليس من رجال هذا الشأن ولا يحسن الحكاية والنقل، ولا تمييز له بين مرفوعها وموقوفها، وصحيحها وسقيمها وغيره.

يوضحه قوله: والخوارج هم في البخاري ومسلم وغيرهما من سائر كتب الحديث أناس عمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.

فهذا كلام غبي غوي لا يدري الصناعة ولا يعرف ما في تلك البضاعة، فإن هذا اللفظ ليس مرفوعًا باتفاق. وليس في سائر كتب الحديث والسنن الأربعة، وصحيحي البخاري ومسلم، وليس فيها هذا اللفظ، فكلامه كلام جاهل بصناعة الحديث وروايته ولسنا بصدد بيان جهله وإفلاسه من العلوم، وإنما المراد كشف شبهه وردها.

وحاصل مقصوده ونقله: تشبيه أهل الإسلام والتوحيد بالخوارج في تكفيرهم من عبد الأنبياء والأولياء والصالحين، ودعاهم مع الله، لأن عباد القبور عنده أهل سنة وجماعة، وأهل الإسلام من جنس الخوارج. الذين يكفرون أهل القبلة، هذا حاصل إسهابه ومضمون خطابه، لكن أطال بما لا طائل تحته.

ونحن نتكلَّم على بدء أمر الخوارج وحقيقة مذهبهم، ثم نتكلم على مذهب عبَّاد القبور وما هم عليه، ثم نتبع ذلك بفصل نافع في بيان حال

<<  <   >  >>