للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما أثبته الله في كتابه، وما أثبته رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما جرى به القلم بما يكون إلى يوم القيامة، واعتزلوا مجلس الحسن البصري، رحمه الله تعالى، وسمُّوا معتزلة لذلك، فإنهم اعتزلوا أهل السنة، وخالفوهم فيما ذكرنا، وقالوا: بالمنزلة بين المنزلتين، قالوا في صاحب الكبيرة فاسق لا مؤمن ولا كافر، وقالوا: بتخليده في النار.

وخالفوا أيضًا ما تواترت به الأحاديث: أن الله يدخل من يشاء من أهل المعاصي النار، ثم يخرجهم منها بما معهم من التوحيد، فإذا جازاهم الله تعالى بإدخالهم النار، ومكثهم فيها على قدر ذنوبهم، أخرجهم بما معهم من التوحيد، فأدخلهم الجنة برحمته، وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، فإنهم خالفوا هذه الطائفة وكل مبتدع.

ثم إن هؤلاء المعتزلة: وافقوا جهمًا وشيعته، في نفي الصفات، فنفوا ما أثبته الله لنفسه في كتابه، وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته، من صفات كماله، ونعوت جلاله، على ما يليق بعظمته، ففارقت هذه الطائفة أهل السنة، بهذه البدع وغيرها، فلم يثبتوا الشفاعة لأهل الكبائر أيضًا، فهذا هو الذي تعلق به المبهرج الملحد.

فإنه جعل الشرك وما دونه من الكبائر بابًا واحدًا، فظن أن من تعلق بالشفعاء، ورغب إليهم، وسألهم أن يشفعوا له، أن ذلك يوجب له شفاعتهم، فظن هذا الظن، أنه لا ينكر هذا إلاَّ المعتزلة، لأنهم ينكرون الشفاعة في أهل الكبائر، على مذهبهم، وهذه الشفاعة أبطلها القرآن، فلاحظ فيها لمشرك ....

فالمعتزلة الذين تقدم ذكر بدعتهم، لسنا بحمد الله في شيء من مقالاتهم، بل ننكرها عليهم، ونعتقد أنهم خالفوا ما تواترت به النصوص، وتظاهرت عليه أدلة القرآن، الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ

<<  <   >  >>