للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيارة قبر الوالدين وغيرهما، وإني أكفر من حلف بغير الله. وإني (١)

أكفر


(١) قول الشيخ رحمه الله تعالى: وإني أكفر ابن الفارض وابن عربي، وكذا بعض ما جاء قبله، وبعض ما جاء بعده، لا بد فيه من النظر: بعين الاعتبار والتأمل.
ولا يسعنا في ذلك إلاَّ تأويل إمام الدعوة الثاني الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله تعالى - وقد مر علينا من قبل - أن هذا الكلام وأمثاله مثل: قوله وإن كنا لا نكفر من عبد الصنم عند قبر فلان بن فلان ... هو من باب السياسة الشرعية القائمة على مراعاة أحوال المدعوين، وحتى يتمكن الإمام من تمرين قومه على نفي الشرك، كيف لا وقد قرر الشيخ عبد الرحمن: أن ابن عربي هو إمام أهل الوحدة الذين هم أكفر أهل الأرض. اهـ. فتح المجيد: (ص ١٠٧).
وهذا مما يؤكد على أن الدعوة الوهابية قد مرت بفترات متباينة في الجهر بأحكام التكفير، ولا أدل على ذلك من قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن الأمر لو كان مستقيمًا لأفتيت بحل دم ابن سحيم ووجوب قتله. وقد مرَّ علينا من قبل.

وأما بالنسبة لكفر إمامي الزندقة ابن عربي وابن الفارض فنكتفي هنا بذكر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في بحث قل نظيره في بيان كفر الرافضة والاتحادية، قرر فيه الشيخ أن كفرهما أعظم من كفر اليهود والنصارى، بل وقد اتفق عليه سائر أهل الملل، بل ويضيف الشيخ إلى هذا: أن من كان مسلمًا في الباطن، وهو جاهل معظم لقول إمامي الزندقة فهو منهم، وبهذا نقطع أن ظاهر كلام الإمام محمد بن عبد الوهاب غير مراد وأنه من باب المعاريض الممدوحة، ولهذا ختمه بقوله: جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم، فتأمل أخي بعين الإنصاف هذه الجملة تجد ما قررناه صحيحًا منضطبًا بفضل الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في النقل المشار إليه سابقًا: «وهذا الذي ذكرته حال أئمتهم وقادتهم العالمين بحقيقة قولهم، ولا ريب أنه قد انضم إليهم من الشيعة والرافضة من لا يكون في الباطن عالمًا بحقيقة باطنهم، ولا موافقًا لهم على ذلك، فيكون من أتباع الزنادقة المرتدين، الموالي لهم، المناصر لهم، بمنزلة أتباع الاتحادية، الذين يوالونهم ويعظمونهم، وينصرونهم، ولا يعرفون حقيقة قولهم في وحدة الوجود، وأن الخالق هو المخلوق.
فمن كان مسلمًا في الباطن، وهو جاهل معظِّم لقول ابن عربي وابن سبعين، وابن الفارض وأمثالهم من أهل الاتحاد فهو منهم، وكذا من كان معظمًا للقائلين بمذهب الحلول والاتحاد، فإن نسبة هؤلاء إلى الجهمية كنسبة أولئك إلى الرافضة والجهمية، ولكن القرامطة أكفر من الاتحادية بكثير، ولهذا كان أحسن عوامهم أن يكونوا رافضة جهمية، وأما الاتحادية ففي عوامهم من ليس برافضي، ولا جهمي صريح، ولكن لا يفهم كلامهم، ويعتقد أن كلامهم كلام الأولياء المحققين، وبسط هذا الجواب له مواضع غير هذا. والله أعلم». انتهى كلامه بحروفه رحمه الله تعالى. «مجموع الفتاوى»: (٣٥/ ١٤٤)، ومن أراد الوقوف على هذا البحث فليراجع من هذا الجزء صفحة (١٢٠ - ١٤٤).

<<  <   >  >>