ولقد آثرت هذه البداية، لتتجلى بها قضية التوحيد - لأنه بالضد تعرف الأشياء -، وليدرك العلماء والدعاة والمربون: خطورة الموقف وعظم المقام، عندما يُغيّب التوحيد، ويحل محله الشرك والتنديد برب العالمين، ومن ثمّ تعلو راية الشرك خفاقة، وينجم علم الزندقة فوق رءوس الأمة، ويلوح بهما في وجه الموحِّدين نكاية بهم، وضربة موجعة لكيانهم وصفوفهم ...
والحاصل أن ما تقدم ينبئ بحاجة الأمة الماسَّة لمعرفة التوحيد، والحد الحقيقي من الديانة، الذي ينبغي القيام به حتى تتحقق النجاة الحقيقية ويتسنى للأمة القيام بدورها المناط بها، والمراد لها.
ولهذا ولغيره الكثير سوَّد علماء وأئمة الأمة كتبهم في جلاء قضية التوحيد، لبناء حائط الصدر الشامخ، الذي يقي الأمة الضربات المتلاحقة من قبل أعدائها، ويضمن لها استمرارية البقاء في حلبة الصراع، عن طريق الجهاد الحثيث، المتواصل، للحفاظ على عقيدة المسلمين صافية، من زيف وبطلان دعاوى أهل الشرك والإلحاد.