للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: ٦٣]، وقال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [النمل: ٦٢].

فهم كانوا يعلمون أن جميع ذلك لله وحده ولم يكونوا بذلك مسلمين، بل قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦]، قال مجاهد في الآية: إيمانهم بالله قولهم: إن الله خلقنا ويرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وعن ابن عباس وعطاء والضحاك نحو ذلك.

فتبين أن الكفار يعرفون الله، ويعرفون ربوبيته، وملكه، وقهره، وكانوا مع ذلك يعبدونه ويخلصون له أنواعًا من العبادات كالحج والصدقة والذبح والنذر والدعاء وقت الاضطرار ونحو ذلك، ويدّعون أنهم على ملة إبراهيم - عليه السلام -، فأنزل الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦]، وبعضهم يؤمن البعث والحساب، وبعضهم يؤمن بالقدر.

كما قال زهير:

يؤخر فيوضع في كتاب فيدَّخر ... ليوم الحساب أو يعجَّل فينقم

وقال عنترة:

يا عبل أين من المنية مهرب ... إن كان ربي في السماء قضاها

ومثل هذا يوجد في أشعارهم، فوجب على كل من عقل عن الله تعالى أن ينظر ويبحث عن السبب الذي أوجب سفك دمائهم، وسبي نسائهم، وإباحة أموالهم، مع هذا الإقرار والمعرفة، وما ذاك إلاَّ لإشراكهم في توحيد العبادة الذي هو معنى لا إله إلاَّ الله.

<<  <   >  >>