للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من يدَّعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله، وعلى الأنبياء قبله، وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله، كما ذكر المصنف في سبب نزولها.

قال ابن القيم: والطاغوت: كل من تعدَّى به حدَّه من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، فكل ما تحاكم إليه متنازعان غير كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو طاغوت إذ قد تعدَّى به حدَّه.

ومن هذا، كل من عبد شيئًا دون الله فإنما عبد الطاغوت، وجاوز بمعبوده حدّه فأعطاه العبادة التي لا تنبغي له، كما أن من دعا إلى تحكيم غير الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقد دعا إلى تحكيم الطاغوت.

وتعلل تصديره سبحانه الآية منكرًا لهذا التحكيم على من زعم أنه قد آمن بما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى من قبله ثم هو مع ذلك يدعو إلى تحكيم غير الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويتحاكم إليه عند النزاع، وفي ضمن قوله: {يَزْعُمُونَ} نفي لما زعموه من الإيمان، ولهذا لم يقل: «ألم تر إلى الذين آمنوا»، فإنهم لو كانوا من أهل الإيمان حقيقة لم يريدوا أن يتحاكموا إلى غير الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل فيهم «يزعمون»، فإن هذا إنما يقال غالبًا لمن ادّعى دعوى هو فيها كاذب، أو منزل منزلة الكاذب، لمخالفته لموجبها وعمله بما ينافيها:

قال ابن كثير: والآية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت ههنا» (١).

وقال الشيخ عبد الله بن حميد:

«وقد تكفلَّت الشريعة بحل جميع المشاكل وتبيينها وإيضاحها، قال


(١) «تيسير العزيز الحميد»: (ص ٣٧٦، ٣٧٧).

<<  <   >  >>