ولما انتهى المصنف من تقديم ما يجب تقديمه من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على النبي والآل والأصحاب، وعن جميع ذلك شرع الآن في بيان سبب تصنيف هذا الكتاب فقال رحمه الله " وبعد " بإسقاط أما. قال العلامة الشيخ أحمد رزوق الفاسي في شرح الرسالة عند قول مصنفها أما بعد: يعني أما بعد ما تقدم من حمد الله والثناء عليه وذكر ما به على الإنسان من المبرة والإكرام، فإن السؤال ورد علي بكذا، فهي إذا كلمة فضل تضمنت معنى الشرط.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملها في خطبه ومكاتباته، وجرى السلف في ذلك على سنته.
وقيل إنها فصل الخطاب الذي أوتيه داود عليه السلام. قال النووي: والتحقيق أن فصل الخطاب بين الحق والباطل في الحكم.
وفي الكشف هي من فضل الخطاب. وفي الترمذي ما يدل على أن أول من تكلم بها يعقوب عليه السلام لبنيه فقال: أما بعد فأنا أهل بيت أهل أهل بلاء، الحديث. وقيل: أول من تكلم بها داود عليه السلام. وقيل قس بن ساعدة. وقيل يعرب بن قحطان. وقيل كعب بن لؤي. وقيل سحبان بن وائل.
وقال ابن ناجي في شرح الرسالة: وتسمى كلمة إقبال وفصل وتفصيل، وفيها معنى الشرط. والتحقيق أن الفصل والشرط إنما هو في اما خاصة دون بعد، فقيل إن أما حرف تفصيل نابت عن حرف الشرط وفعله.
وبعد بضم الدال، وأجاز الفراء أما بعدا بالنصب والتنوين.
وأجازه ابن هشام بفتح الدال دون التنوين، وأنكره النحاس. وفي على ضم بعد للنحويين بضعة عشر قولا. وهي كلمة توضع في صدور الرسائل عند إرادة المقصد. قال ثعلب: معناها خروج عما نحن فيه إلى غيره، وفيها معنى التنبيه اهـ.
قال بعض أهل المذهب: يستحب الإتيان بها في أوائل الكتب والخطب اقتداء