للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. كلا! إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ظل بعد هذا الثراء الغامر، كما كان من ولد ونهد وشب، يعيش فى شظف عيشه؛ لا من قلة المال فى يده، بل لأن خصيصة التكافؤ الخلقى عنده طبعته على الزهادة فى الحياة المادية المترهلة التى كانت تحياها قريش، وطبعته على التسامى بنفسه عن مطامع الماديين، إذا هبط عليهم الثراء من غير كد ولا تعب.

... فحياته صلى الله عليه وسلم قبل زواجه من خديجة كانت تقلل من الدنيا، وكذلك كانت حياته بعد زواج خديجة، حياة تقلل من الدنيا وهى ملء يده وهكذا كان آخر حياة شبابه، صورة من أولها (١) .

... ولا غرو فى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المثابة من التكافؤ الخلقى، فقد عصمه ربه عز وجل، واصطنعه لنفسه، وأراد منه أن يكون خاتم أنبيائه ورسله إلى الخلق كافة، ولا يقوم بذلك إلا أمين صاحب خلق عظيم، ينال ثقة الناس فيستجيبون له ويؤمنون به.

[ط- من مظاهر عصمته صلى الله عليه وسلم كمال عقله:]

... إن كمال العقل وفطنته من أبرز صفات الرسل الذاتية التى منحهم الله تعالى إياها، وهى من لوازم الرسالة الإلهية، والاصطفاء الربانى لها، كما أنها عامل مهم، وسبب قوى من أسباب تبليغ رسالة الرسل إلى أقوامهم، ومعالجتهم بالتربية الحكيمة، والقيادة السليمة وفق طبائعهم وأخلاقهم. قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن} (٢) وواضح من هذه الآية الكريمة التى تبين سبيل الدعوة أنها تعتمد على رجاحة العقل وفطنته.


(١) ينظر: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفضيلة الشيخ محمد الصادق عرجون ١/٢١١ - ٢١٣ بتصرف، ونبى الإسلام بين الحقيقة والادعاء للدكتور عبد الراضى محمد ص٤٩، ٢١٢، وأعلام النبوة للماوردى ص٣٠٩.
(٢) الآية ١٢٥ النحل.

<<  <   >  >>