.. فزعموا أن دور النبى صلى الله عليه وسلم فى رسالته قاصراً على بلاغ كتاب الله عز وجل فقط، وأنه ليست له سنة نبوية، وأن طاعته صلى الله عليه وسلم الواردة فى القرآن الكريم، تعنى الطاعة لكتاب الله عز وجل، وتنحصر فيها، ولم يقف إفكهم عند هذا الحد، إذ زعموا أن القول بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم شرك وتأليه له صلى الله عليه وسلم، وأن من يقول بطاعته فقد كفر وأشرك بربه!.
... وقبل تفصيل تلك الشبهات والرد عليها، أرى لزاماً على تأصيل المسألة أولاً: وذلك بالتعريف بالوحي، وكيفياته، ثم تفصيل دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي الإلهى من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة. فإلى تفصيل ذلك فى المبحثين التاليين:
... ذكر غير واحد من علماء هذا الشأن أن أصل الوحي فى الأسلوب العربى، معناه: الخفاء، والسرعة، والإشارة.
... فالواو والحاء والحرف المعتل أصل يدل على إلقاء علم فى خفاء إلى غيرك، فكل ما ألقيته إلى غيرك حتى علمه، فهو وحى كيف كان. وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد عن التركيب، وبإشارة بعض الجوارح، وبالكتابة، والرسالة والإلهام.
... وأوحى ووحى لغتان يقال: وحيث إليه الكلام، وأوحيت، ووحى، وحياً وأوحى. لكن أوحى بالهمزة أفصح من - وحى - بدونها. ولذلك جرى استعمال القرآن على ما هو الأفصح فى الفعلين أهـ بتصرف (١) .
(١) ينظر: لسان العرب ٦/٤١٢، والقاموس المحيط ٤/٣٩١، ومعجم مقاييس اللغة ص١٠٨٥، وتاج العروس ١٠/٣٨٤ - ٣٨٦، ومختار الصحاح ص٧١٣، والأشباه والنظائر فى القرآن الكريم لمقاتل سليمان ص١٦٨، ١٦٩، ومعجم مفردات ألفاظ القرآن للأصفهانى ص٥٨٦ - ٥٨٨.