للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وبالجملة: ففى هذه القصة ما يشعر بأن اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه مع الكافر ليستميله إلى الإيمان، رجاء أن يؤمن بإيمانه عدد ممن يتبعه، كان غير متمش مع طبيعة. الهداية الإلهية، التى عليه صلى الله عليه وسلم أن يعرضها على الناس دون أن يبخع نفسه حرصاً على إيمانهم فجاءت الآية الكريمة تصحح هذا الاجتهاد، وتبين الطريق للدعاة إلى الله تعالى الذن يرثون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبليغ رسالته ونهجه فى إيصالها إلى جميع الناس، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وبتصحيح هذا الاجتهاد، يعود حكم اجتهاده صلى الله عليه وسلم إلى وحى الله تعالى، وإن كان ثمَّ عتاب فهو على أمر اجتهادى وقع على خلاف الأولى، لا على ذنب، كما أن المعاتب محبور كما سبق (١) أهـ. والله أعلم.

٤- وأما قوله تعالى فى قصة زيد عن حارثة رضى الله عنه: {وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً} (٢) .

... إن هذه الآية الكريمة ذكر فيها كلاماً من بعض الذين تصدوا لتفسير القرآن الكريم، وتحملوا أمانة تجلية معانيه، وهو كلام لا يليق بمنصب النبوة، ولا بالعصمة، اتخذ فيما بعد منطلقاً لضجيج أهوج، وصيحات هستيرية تطعن فى السنة النبوية وأهلها من أعدائها (٣) وترمى بالنقيصة، وعدم العصمة أكمل الناس خلقاً، وأحمدهم سيرة.


(١) يراجع:ص١٤٧، وينظر: آيات عتاب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى ضوء العصمة والاجتهاد ص٢٨٦، ٢٨٧.
(٢) الآية ٣٧ الأحزاب.
(٣) ينظر: الصحيح من سيرة النبى الأعظم لجعفر مرتضى العاملى ١/١٩، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لهاشم معروف الحسينى ص٤٥٣.

<<  <   >  >>