للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فأنت ترى هنا أن البخارى اقتصر على هذا الجزء الصحيح من القصة، وليس فيه البتة فرية الغرانيق! فأين هذا مما يزعمه بعض الرافضة من إيهام القارئ أن فرية الغرانيق ذكرها الإمام البخارى فى صحيحه؟! (١) .

سادساً: سؤال بعضهم:

"كيف سجد المشركون عند نهاية السورة لقوله تعالى: {فاسجدوا لله واعبدوا} (٢) مع أنهم يرفضون السجود لله؟ قال تعالى: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً} (٣) .

فالجواب:

... إن سجود أهل الشرك كان لما سمعوه من أسرار البلاغة الفائقة، والفصاحة البالغة، وعيون الكلم، الجوامع لأنواع من الوعيد والإنكار، والتهديد والإنذار، وقد كان العربى يسمع القرآن فيخر له ساجداً (٤) .

... يقول الأستاذ سيد قطب: "سجود المشركين كان لاعتبارين:

الاعتبار الأول: كامن فى ذلك السلطان العجيب لهذا القرآن. ولهذه الإيقاعات المزلزلة فى سياق هذه السورة... خصوصاً إذا كان القارئ هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى تلقى هذا القرآن مباشرة من مصدره، وعاشه وعاش به، وأحبه حتى لكان يثقل خطاه إذا سمع، من يرتله داخل داره، ويقف إلى جانب الباب يسمع له حتى ينتهى.

... وفى هذه السورة بالذات كان يعيش لحظات عاشها فى الملأ الأعلى، وعاشها مع الروح الأمين، وهو يراه على صورته الأولى.

والاعتبار الثانى: أن أولئك المشركين لم تكن قلوبهم ناجية من الرعشة والرجفة، وهم يستمعون إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. إنما كان العناد المصطنع هو الذى يحول بينهم وبين الإذعان.


(١) يراجع: قول: جعفر مرتضى العاملى ص٣١٠.
(٢) الآية ٦٢ النجم.
(٣) الآية ٦٠ الفرقان. وينظر: الصحيح من سيرة النبى لجعفر مرتضى العاملى ٣/١٤٥.
(٤) السيرة النبوية فى ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة ١/٣٦٧.

<<  <   >  >>