للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: الأدلة من القرآن الكريم على عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده:

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} (١) ووجه الاستدلال بهذه الآية الكريمة فى موضعين:

الأول: أن الله تعالى أمر فيها بطاعته سبحانه وطاعة رسوله، وطاعة الله تعالى إنما تكون بامتثال جميع ما نزل به وحيه تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم، وطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، إنما تكون بامتثال كل حكم يخبر به سواء كان عن وحى أو عن اجتهاد، وإلا لم يكن لتخصيص طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد طاعة الله فائدة فى الذكر. وبالتالى فالأمر بطاعته دليل على عصمته فى اجتهاده.

الثانى: أن الله تعالى أمر فى هذه الآية الكريمة المتنازعين فى شئ بالرد إلى الله وإلى الرسول. والرد إلى الله رد إلى وحيه المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم سواء أكان متلو وهو القرآن، أم غير متلو وهو السنة. والرد إلى الرسول يقتضى أن يكون الأمر المردود إليه غير داخل فى الوحي وإلا لزم التكرار، والذى لا يدخل فى الوحي وتجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه هو ما أمر به باجتهاده بدليل قوله تعالى: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (٢) ووجه الاستدلال به أن الله تعالى قد سوى بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أولى الأمر - وهم العلماء - فى الاستنباط. فلو لم يكن الاجتهاد جائزاً للرسول صلى الله عليه وسلم، وتجب طاعته فيه لعصمته؛ لما كان الأمر بالرد أى فائدة‍‍!!.

وقوله تعالى: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} (٣) ووجه الاستدلال بالآية من ناحيتين:


(١) الآية ٥٩ النساء.
(٢) جزء من الآية ٨٣ النساء.
(٣) جزء من الآية ٤٢ المائدة.

<<  <   >  >>