[المبحث الأول: شبهاتهم من القرآن الكريم على عدم عصمة النبى صلى الله عليه وسلم]
فى عقله وبدنه والرد عليها
[تمهيد:]
... إن الذى يتتبع القرآن الكريم، ويتقصى آياته العظيمة، ويمعن النظر فيه، ينتهى منه إلى رصيد ضخم، وثروة لا حدود لها، من الثناء الحلو، والمديح الطيب، والتنويه الذى ليس قبله ولا بعده، برسول هذه الإنسانية، وسيد هذا الكون، حتى لكأنه بلغ قمة الثناء، وغاية المديح، وكل ذلك تجده حتى فى الآيات المتشابهات التى استدل بها خصوم السنة المطهرة والسيرة العطرة.
... إن مما يشرح الصدر، ويبهج النفس أن المتتبع للآيات المتشابهات التى استدلوا بها على عدم عصمتهم صلى الله عليه وسلم، يرى أنها ورادة فى مقام المنَّة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيان عظيم مكانته وفضله عند ربه عز وجل فى الدنيا والآخرة، بأعظم ما يكون البيان.
... ويرى بوضوح وجلاء أن كل آية من تلك الآيات تأتى بنوع من الترفق برسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخطاب طمأنة لقلبه الطاهر، وتنادى بأن ما ورد من ظاهر تلك الآيات مما يمس عصمته صلى الله عليه وسلم غير مراد، وتنادى بأن ما صدر منه من خطأ فى الاجتهاد، ووجه إلى الأخذ بالأصوب منه فيما يستقبل من حوادث، لم تؤثر على شئ من عصمته، ولا مما ناله من شرف القرب، والرضا عليه من الله عز وجل، مما يمكن أن يقال فيه: إنه مسح بيد الرحمة على القلب الطاهر الرحيم، الذى جعله رب العزة هدى ورحمة للعالمين.
... ومن هنا من يتأمل ما استدل به أعداء الإسلام من آيات قرآنية على عدم عصمته صلى الله عليه وسلم، لا يستطيع إلا أن يقرر بأنها افتراءات أطلقوا عليها اسم أدلة وبراهين... وقد لا يصل القارئ إلى هذا التقرير، إلا بعد أن يتأمل جيداً، ويرجع إلى النصوص، ويمحصها بدقة فيخرج بنتيجة حاسمة، وحكم نهائى، بأن ما زعموه أدلة وحججاً وبراهين، إنما هى من نفخ الشيطان وهمزه ونفثه، سولها لهم الشيطان، وحسنها فى قلوبهم، ودفعهم بأن يقولوا أنها حجج قرآنية.