للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وقد استعمل القرآن الكريم الوحي بمعناه اللغوى، وهو: الإعلام الخفى السريع، ويتناول الوحي بهذا المعنى عدة أنواع كما جاءت فى القرآن الكريم:

الإشارة السريعة على سبيل الرمز كما فى قوله تعالى: {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً} (١) وكما فى قوله تعالى: {قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً} (٢) .

الإلهام الغريزى للإنسان (٣) ومنه ما يطلق عليه إلهام الخواطر، وهو ما يلقيه الله تعالى فى روع الإنسان


(١) الآية ١١ مريم.
(٢) الآية ٤١ آل عمران.
(٣) اشتهر لدى الكثيرين أن الوحي إلى أم موسى عليهما السلام الوارد فى قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} آية ٧٠ القصص، هو من هذا القبيل – أعنى الإلهام. أى من قبيل الحقيقة اللغوية. وعللوا قولهم هذا، بأنه لو قلنا إن الوحي إليها كان من قبيل الحقيقة الشرعية – أى كان بواسطة ملك – يلزم عليه أن تكون نبياً. والمقطوع به أنه لم تكن كذلك. أهـ كلامهم والحق: أن هذا الكلام خلاف التحقيق حسبما صرح بذلك الإمام القرطبى فى تفسيره ١٣/٢٥٠، والشيخ أبو حيان فى تفسيره ٧/١٠٥ – ١٠٨، وشيخنا الدكتور إبراهيم خليفة فى منة المنان ٢/١٥٢، وحجتهم فى ذلك، أن ما جاء فى الآية من الأمر بالإلقاء والوعد بأنه سيرجع إليها وسيكون من المرسلين، لا يأتى ذلك من قبل الإلهام، كما أنه لا يلزم من إرسال الملك إلى أحد، ضرورة كونه نبياً، فقد جاء الملك إلى السيدة مريم، وإلى الأقرع، والأبرص، والأعمى، وقصتهم فى الصحاح، ولم يقل أحد بنبوة هؤلاء، وفوق ذلك كله، فإن المجمع عليه أن النبى لا يكون إلا ذكراً قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم} آية ٤٣ النحل، وعليه فالراجح أن الوحي إليها لم يكن إلهاماً، وإنما كان بواسطة ملك. أهـ.

<<  <   >  >>